المقدمة
ستُوفِّر لك هذه المقالة مقدمةً شاملةً لماهية البيتكوين، كيفية إنشائه، كيف يعمل، ما الذي يعطيه قيمته، وكيف يختلف عن العملات الوطنية التقليدية خصوصاً في سياق نظريات الاقتصاد الكينزية والنمساوية. كما أنك ستجد يا أخي القارئ سرداً موجزاً لاستخدامات التكنولوجيا المسؤولة عن عمل البيتكوين، بالإضافة إلى استخدامها كنقد.
التسمية
تم الإجماع على استخدام الحرف الكبير B المعروف باسم “كابيتال ليتر” لكلمة بيتكوين “Bitcoin” عند الحديث عن شبكة الدفع، البرمجيات، ومجتمع البيتكوين، وعلى استخدام الحرف الصغير b المعروف باسم “سمول ليتر” لكلمة بيتكوين “bitcoin” عند الحديث عن وحدات العملة. وعلى عكس العملات الأخرى، فإن البيتكوين هو شبكة دفع وعملة في نفس الوقت. وهذا الأمر يجعله مختلفاً بشكل أساسي وجوهري عن العملات التقليدية مثل الدولار الأمريكي، حيث العملة وشبكات الدفع هناك هما أجزاءٌ منفصلة.
تشبيه
إن البيتكوين هو شبكة دفع وعملة في نفس الوقت، ولفهم أهمية ذلك، سنقوم بإجراء مقارنة وتشبيه لتوضيح هذه الفكرة. تَخيَّل البيتكوين كسيارة وبنفس الوقت هي أيضاً الطريق الذي تسير عليه. في هذه الحالة، يمكن لهذه السيارة السفر لأي مكان في العالم، ولن يكون هناك حرس للحدود أو أطراف ثالثة يمكنهم إيقافها أو فرض رسوم إضافية على سفرها. إن الدولار الأمريكي الإلكتروني في مثال السيارة هنا يحتاج إذناً للسفر على الطرقات التي تم بناؤها من قِبَلِ أطراف ثالثة، بل وتملك هذه الأطراف الثالثة تلك الطرقات، وتحدد قواعد السفر عليها، وقد تفرض رسوماً أيضاً على السفر في أي مكان بالطريق. أو ببساطة، تستطيع هذه الأطراف إيقاف السيارات غير المرغوب فيها من الوصول إلى وجهتها لأي سبب من الأسباب.
اختراع البيتكوين
البيتكوين هو أول عملة إلكترونية لامركزية في العالم. وفي نوفمبر 2008، تم نشر مقال بعنوان ” البيتكوين: النقد الإلكتروني بنظام نظير إلى نظير“ لكاتبٍ استخدمَ الاسم المُستعار «ساتوشي ناكاموتو»، وقد تم نشر هذه المقالة في قائمة بريدية إلكترونية مُشفرة على موقع metzdowd.com. وتَصفُ المقالة كيفية إنشاء نظام النقد الإلكتروني هذا بنظام نظير إلى نظير ليُتيح لنا إرسال النقود مباشرة بين طرفين دون حاجةٍ لوجود وسطاء بينهم.
إن هذا المبتكر المجهول للبيتكوين (أو المبتكرون المجهولون) كان أول من وجد حلاً لكيفية تجنب الإنفاق المزدوج في شبكة دفع إلكترونية لامركزية. ومشكلة الإنفاق المزدوج هذه وحتى ذلك الوقت، جعلت الأمر مستحيلاً من ناحية إنشاء عملة إلكترونية دون حاجةٍ لوجود طرف ثالث مركزي وموثوق يتحقق من عدم نسخ العملات الرقمية، ويتحقق من عدم استخدامها عدة مرات.
حلٌ لامركزي لمشكلة الإنفاق المزدوج
يكون هذا الحل بنشر جميع المعاملات بشكل علني وتوزيعها على جميع المشاركين (العُقَد) في الشبكة، وعلى جميع المشاركين الاتفاق على التاريخ والسِّجل المشترك لكل المعاملات، بحيث يتم تدوين هذا السجل وتشفيره في سلسلة زمنية من كتل المعاملات (سلسلة الكتل – بلوكتشين) من خلال عملية تسمى إثبات العمل. ويتم استعمال مبدأ إثبات العمل ليضمن لنا دائماً بأن تكون سلسلة الكتل التي يتم إنشاؤها من قِبَلِ غالبية القوة الحاسوبية في الشبكة هي دائماً الأطول، بل ويتم تسجيل تلك السلسلة على أنها تحمل سِجلَّ المعاملات الصحيح تاريخياً. ويستخدم البيتكوين مبدأ إثبات العمل هذا لحل مشكلة علوم الكمبيوتر “معضلة الجنرالات البيزنطيين” والتي تهتم بعمل تنسيق آمن لمختلف المشاركين في شبكة اتصال غير آمنة.
كما يتم توفير حوافز للمستخدمين للتحقق من المعاملات، مثل عملية تدوين وتسجيل المعاملات في سلسلة الكتل-البلوكتشين عن طريق إنفاق القوة الحاسوبية، وتُعطى هذه الحوافز لأولئك الذين تمكنوا من إيجاد حل مُشفَّر لكتلة المعاملات وذلك بمكافأتهم بعدد تم تحديده مسبقاً لعملات البيتكوين التي تم إنشاؤها حديثاً. إضافةً لهذا، فإنهم يحصلون على جميع رسوم المعاملات التي تحتويها المعاملات في تلك الكتلة. إن عملية إنشاء عملات بيتكوين جديدة من خلال إجراء مجموعة من الحسابات التي تقوم بالتحقق من المعاملات تُدعى التعدين. وعملية التعدين هذه لها أوجه تشابه مع عملية تداول الذهب. وجدير بالذكر أنه يتم ضبط وتعديل صعوبة العثور على حل تشفير كُتلِ المعاملات ليستغرق ما معدله 10 دقائق لجميع القوة الحاسوبية المتصلة بالشبكة لإيجاد حل بشكل عشوائي.
كيف يتم خلق وجلب عملات البيتكوين إلى الوجود
إن جميع وحدات البيتكوين الموجودة اليوم قد تم إنشاؤها كمكافأة على حل تشفير الكتل في سلسلة الكتل – البلوكتشين. في البداية، كانت المكافأة 50 وحدة بيتكوين جديدة لكل كتلة، ولكن كل أربع سنوات يتم تخفيض المكافأة إلى النصف. وبالتالي، فإن معدل الزيادة (التضخم) للبيتكوين كان مرتفعاً في البداية، ولكنه ينتصف كل أربع سنوات، وبالنهاية، سيصل العدد الإجمالي لعملات البيتكوين إلى 21 مليون وحدة. كما يمكننا تقسيم كل عملة بيتكوين واحدة إلى 100 مليون وحدة، وتُدعى أصغر وحدة بيتكوين 0.00000001 بـ «ساتوشي».
عرض البيتكوين حتى سنة 2140، مع عدد الكتل التي يتم تعدينها
أمن معاملات البيتكوين
تُعتبَر المعاملات المسجلة في سلسلة الكتل – البلوكتشين آمنةً من التلاعب طالما لم يكن هناك مجموعة متعاونة من الجهات الخبيثة التي قد تستطيع أن تتحكم في أكثر من 50 ٪ من القوة الحاسوبية للشبكة بأكملها. فلتعديل كتلة موجودة في سلسلة الكتل – البلوكتشين، يتعين على الجهة الخبيثة أن تعيد عملية إثبات العمل المطلوبة لتلك الكتلة المحددة وجميع الكتل اللاحقة، ثم بعد ذلك اللحاق بالبقية لتصبح هي أطول سلسلة قائمة. إن القيام بهذا يتطلب نسبة كبيرة من إجمالي القوة الحاسوبية للشبكة، ولهذا، إن القدرة على تعديل كتلة سابقة لها احتمالية تنخفض بشكل أُسي (ضخم جداً) مع عدد الكتل الجديدة المضافة بعد تلك الكتلة.
وإذا تمكنت جهة خبيثة من التحكم في قوة حاسوبية بحيث تكون هذه القوة أكثر من كل قوة الآخرين معاً، فيمكن لتلك الجهة الاختيار بين احتمالين. الخيار الأول يتمثل في سرقة مدفوعاتها (الإنفاق المزدوج)، بالإضافة إلى القدرة على تحديد المعاملات التي سيُسمح للآخرين بإجرائها. الخيار الآخر يتمثل باتباع القواعد القائمة والتطلع إلى الحصول على عملات البيتكوين في المستقبل بحيث يفوق هذا العدد من البيتكوين كل العملات الممنوحة لكل الجهات الأخرى مجتمعةً، وهذا الأمر يتم بدلاً من تقويض مصداقية الشبكة بأكملها وتقويض أساس ثروة تلك الجهة.
الشفافية وعدم الكشف عن الهوية
في البيتكوين، تكون جميع المعاملات علنية بطريقة مماثلة لما هو الحال في سوق الأسهم. ويمكن للجميع معرفة حجم ووقت المعاملات التي تمت والتي ستتم، ولكنها ستظل مجهولة الهوية طالما لم يتم ربط الهويات الحقيقية للأشخاص بعناوين الحسابات الفردية التي تم استخدامها. ومن الناحية العملية، إن عملية إجراء معاملات مجهولة الهوية أصعب بكثير باستخدام البيتكوين من إجرائها مع النقد – الكاش.
سعر البيتكوين
يتم تحديد سعر البيتكوين من خلال العرض والطلب، وهذا الأمر يشكل واحدةً من أكثر الأسواق العالمية حرية في العالم. فعندما بدأ البيتكوين لأول مرة في أوائل عام 2009، لم يكن له قيمة سوقية. وواحدة من أوائل المعاملات المعروفة التي حددت وأعطت قيمة لعملة البيتكوين كانت في منتدى bitcointalk.org في مايو 2010، وذلك عندما دفع عضو من ذلك المنتدى باسم «لازلو» من فلوريدا 10,000 وحدة بيتكوين مقابل اثنتين من البيتزا.
إن نظرية التراجع والانحدار لكاتبها «لودفيغ فون ميزس» قامت بوصف الكيفية التي ارتفع فيها سعر البيتكوين منذ ذلك الحين. وتشرح هذه النظرية كيف يمكن أن يتغير حال شيء ما من التقييم الذاتي غير الموضوعي إلى شيء له قيمةُ تبادلٍ أكثر عقلانية وموضوعية مثل النقد.
سمات النقد الجيد
لكي يُعتبر شيءٌ ما نقداً، يجب أن يعمل كمخزن للقيمة، كوسيط للتبادل، وكوحدة حساب. ولكي يكون ذلك الشيء قادراً على القيام بهذا بأفضل صورة، هناك تسع خصائص وسمات يجب امتلاكها بحيث تحدد هذه الخصائص ما هو النقد الجيد. وتتمثل هذه الخصائص في: الكمية المحدودة، قوة التحمل والديمومة، قابلية النقل، قابلية القسمة، سهولة التعرف، سهولة التخزين، قابلية التبادل، صعوبة التزوير، والاستخدام واسع النطاق.
المدرسة الكينزية مقابل المدرسة النمساوية
يمكن النظر إلى عملة البيتكوين وفهمها من خلال فهم مصطلح “انكماش للسعر”، بمعنى أن قيمة العملة ستزداد بمرور الوقت إذا أصبحت عملة البيتكوين مقبولة بشكل عام، حيث أنه لن يتجاوز إجمالي عدد عملات البيتكوين 21 مليون وحدة. وهذا يعني أن أسعار السلع والخدمات ستنخفض من ناحية عملات البيتكوين إذا استمرت إنتاجية الاقتصاد في الارتفاع، حيث أن المزيد من هذه السلع والخدمات ستبدأ قبول نفس كمية البيتكوين وستقبل التعامل بها.
يَدَّعي الاقتصاديون الكينزيون بأن “انكماش الأسعار” هو أمر سيئ لثلاثة أسباب رئيسية. أولاً، إنه يوفر حافزاً للادخار بدلاً من الاستهلاك، ويقلل الحافز لاقتراض المال. ثانياً، سيزداد عبء الدين الحقيقي للمقترضين بمرور الوقت. ثالثاً، يَدَّعي هؤلاء الاقتصاديون الكينزيون بأنه سيَصعُب تنفيذ تخفيضات للأجور الاسمية. ووفقاً لنظريات الاقتصاد الكينزية، فإنه من المستحسن خفض معدلات الإقراض وزيادة عرض النقود لتوفير الحوافز من أجل مزيد من الاقتراض ومزيد من الاستهلاك، وهذا كله من أجل زيادة النشاط الاقتصادي لخلق المزيد من فرص العمل.
في المقابل، يَدَّعي الاقتصاديون النمساويون عكس ذلك ويقولون إن زيادة إجمالي العرض النقدي (التضخم)، وانخفاض أسعار الفائدة إلى مستويات منخفضة بشكل مصطنع (مستويات زائفة) هو أمر سلبي للاقتصاد ككل، وهو السبب الرئيسي للدورة الاقتصادية. إن هذا الوضع ينشأ لأن أسعار الفائدة المنخفضة بشكل مصطنع (زائفة) لا تعكس التفضيل الزمني للمجتمع. ويمكن تفسير التفضيل الزمني للمجتمع بمدى استعداد الناس لتأجيل استهلاكهم في الزمن الحاضر تحسباً لمكافأة أكبر في المستقبل. إن معدلات الفائدة المنخفضة بشكل مصطنع تعني أنه يمكن إجراء استثمارات لا تكون مربحة في الوضع الطبيعي (لا يوجد عليها طلب كافٍ من المستهلكين). إن كل هذه الاستثمارات غير المرغوب فيها والتي أمكن تحقيقها من خلال أسعار الفائدة المنخفضة بشكل مصطنع ستَظهَر آثارها عاجلاً أو آجلاً من خلال ركود اقتصادي، حيث وخلال هذا الركود ستفلس الشركات والأعمال التي لا يوجد على منتجاتها طلب كاف، مما يؤدي إلى ارتفاع معدل البطالة. وفي فترات الركود هذه، يطالب الاقتصاديون الكينزيون عادة بالحوافز من خلال إنشاء المزيد من النقود، بل وحتى زيادة التخفيض في أسعار الفائدة، والمزيد من الإنفاق الحكومي. إن هذا الأمر يؤدي إلى ازدهارٍ مؤقت يتم فيه بدء جولة جديدة من الاستثمارات غير المرغوب فيها بسبب انخفاض أسعار الفائدة بشكل مصطنع وبسبب الكميات الهائلة من النقود الجديدة، وبهذا، تستمر دورة الازدهار والكساد بالحدوث، وهي ناجمةٌ من التلاعب بأسعار الفائدة والعرض النقدي اللذين يتم التحكم بهما بشكل مركزي.
ولكن في اقتصاد قائم على عملة تزداد قيمتها بمرور الوقت مع نمو ذلك الاقتصاد، فإنه ستزداد احتمالية عدم إنفاق الناس لنقودهم على الاستهلاك غير الضروري، وستزداد احتمالية أن يكونوا أكثر تفكيراً وعقلانيةً في كيفية إنفاقهم لأموالهم. وهذا لا يعني أنهم سيتوقفون عن الاستهلاك، حيث أنه إذا كان هذا هو الحال فعلاً، فلن يتم بيع أجهزة الحاسوب أو الهواتف المحمولة خصوصاً لأن هذه الأجهزة لا تحافظ على قيمتها ولأنها تعاني من انكماش سريع في أسعارها، بل وإنها تتحسن باستمرار وتنخفض أسعارها.
ففي اقتصاد يخلو من زيادة العرض النقدي والتلاعب في أسعار الفائدة، يتم تحديد أسعار الفائدة بمقدار المدخرات في الاقتصاد، الأمر الذي يعكس التفضيل الزمني لذلك المجتمع. فالعملة التي تزداد قيمتها بمرور الوقت هي عملة توفر حوافزاً للادخار، وبالتالي من المحتمل أن تؤدي إلى تراكم وتواجد كمية كبيرة من المال المدخر في المجتمع، وهذا سيؤدي بطبيعة الحال إلى انخفاض أسعار الفائدة.
ففي اقتصاد يعاني من انكماش الأسعار، لن يحتاج صاحب العمل إلى رفع الأجور للتعويض عن ارتفاع الأسعار، ولكن من حيث الأرقام الحقيقية، سترتفع قيمة الراتب حتى لو ظل ثابتاً كما هو اسمياً. وإذا كانت بقية الاقتصاد أكثر إنتاجية بشكل واضح من بعض الشركات، فإن قيمة العملة سترتفع بشكل أسرع من ربح تلك الشركات. وهذا يعني أنه لا يوجد طلب على المنتج أو الخدمة التي تنتجها تلك الشركات من قبل المجتمع بالسعر الذي يمكن لهذه الشركات إنتاجه. وهذه إشارة من المجتمع إلى هذه الشركات إلى أنه سيكون من الأفضل تكريس طاقتهم لإنتاج شيء آخر عليه طلب أكثر. وهناك أمثلة تاريخية أيضاً انخفضت فيها الأجور بأكثر من 50٪ بالقيمة الاسمية بسبب تقلص إجمالي العرض النقدي في المجتمع (الانكماش الحقيقي).
ومع ذلك، فإن السبب الأساسي وراء رغبة الاقتصاديين الكينزيين من إخافة الناس من الانكماش هو على الأرجح لأننا نعيش في اقتصاد قائم على الدَّين (الاقتراض). ففي الاقتصاد الذي نعيش فيه اليوم، 97 ٪ تقريباً من جميع الأموال المتداولة هي في الواقع أموال مقترضة تم إنشاؤها من المصارف التجارية باستخدام حسابات الناس المصرفية. وقد كان ذلك واضحاً في البيان الصحفي حول إنشاء الأموال من بنك إنجلترا. وهذا يعني أنه إذا قامت نسبة كبيرة من عملاء المصارف بسحب نقودهم في الوقت ذاته، فلن يكون لدى تلك المصارف تغطية لكامل هذه النقود. وسيؤدي ذلك إلى حدوث سلسلة من ردود الفعل كإفلاس المصارف، واختفاء قدر كبير من النقود الموجودة في حسابات الناس المصرفية من التداول. وهذا الأمر من شأنه أن يؤدي إلى انكماش حقيقي حيث سينخفض فيه المبلغ الإجمالي من النقود، على عكس انكماش الأسعار الذي ينخفض فيه السعر فقط وليس المبلغ الإجمالي من النقود.
وفي حال أصبحت عملة البيتكوين عملة سائدة، فلن يكون التلاعب بالاقتصاد الذي يتم التحكم فيه مركزياً من خلال تنظيم عرض النقود وأسعار الفائدة أمراً ممكناً. بالإضافة إلى ذلك، فإنه لا يتم إنشاء البيتكوين من خلال ديون الناس.
معاملات لا يمكن التراجع عنها
إن المعاملات في البيتكوين لا رجعة فيها، وهذا جانب مهم من جوانب البيتكوين. فهذا الأمر يقلل من تكاليف المعاملات والحاجة إلى تحديد الهوية الشخصية. أما في شبكات الدفع التقليدية، فإنه يمكن التراجع عن المدفوعات، مما يعني أنه لا يمكن للمصارف التهرب من معالجة النزاعات. وهذا بدوره يرفع من تكاليف المعاملات، ويرفع تكاليف المعاملات الصغيرة لتصبح باهظة الثمن بشكل غير منطقي. فالمعاملات القابلة للعكس والتي يمكن التراجع عنها تُعرِّض التجار لخطر الغش، ولهذا السبب فإن هؤلاء التجار يُصرِّون على الحصول على المزيد من المعلومات بشأن عملائهم بشكل يفوق ما يحتاجونه لحماية أنفسهم.
ونظراً إلى أنه لا يمكن عكس معاملات البيتكوين والتراجع عنها، فإنه من الممكن استقبال المدفوعات بشكل آمن من الأشخاص المجهولين، وحتى من الأشخاص الذين لا تثق بهم. فلقد كان هذا الوضع ممكناً في السابق فقط باستخدام النقود المادية- الكاش، ولكن باستخدام القنوات الإلكترونية، فإن هذا الوضع لم يكن ممكناً قبل إنشاء البيتكوين. يمكنك قراءة المزيد عن هذا في مقالتي: فوائد قبول البيتكوين للتجار.
البيتكوين هو برنامج مفتوح المصدر
إن البيتكوين هو برنامجٌ مفتوح المصدر. ويمكن لأي شخص لديه ما يكفي من مهارات البرمجة قراءة الكود البرمجي، المساهمة في الكود البرمجي، بل ويستطيع هذا الشخص نسخ هذا الكود البرمجي وبدء عملة رقمية مشفرة جديدة منه. وهناك آلاف من العملات المشفرة المختلفة التي تم إنشاؤها بهذه الطريقة، ولكن البيتكوين هو السائد إلى حد كبير من حيث القيمة السوقية، زخم المطورين، استثمارات رأس المال، تَبنِّي التجار، والعديد من المقاييس الأخرى.
البيتكوين هو اللغة
البيتكوين هو بروتوكول – بمعنى أنه لغة محددة بدقة تستخدمها أجهزة الحاسوب لنقل القيمة فيما بينها عبر الإنترنت بنفس الطريقة التي تستخدم فيها أجهزة الحاسوب بروتوكول SMTP لإرسال البريد الإلكتروني عبر الإنترنت، وبنفس الطريقة التي تستخدم فيها أجهزة الحاسوب TCP/IP للاتصال بالإنترنت.
الاستخدامات الأخرى للبيتكوين ولتقنية سلسلة الكتل – البلوكتشين
في هذا النص التمهيدي للبيتكوين، لقد قمتُ بحذف تطبيقات تقنية سلسلة الكتل – البلوكتشين باستثناء استخدامها كعملة. إن سلسلة الكتل – البلوكتشين وبمفهوم أوسع هي تقنية لتدوين المُلكية وإنشاء الثقة بطريقة لامركزية. وجدير بالذكر أن العملات ليست وحدها من يمكن جعلها لامركزية باستخدام تقنية سلسلة الكتل – البلوكتشين. وعلى حد تعبير «أندريس أنتوبولونيس»: “الادِّعاء بأن البيتكوين هو عملة بمثابة القول أن الإنترنت هو بريد إلكتروني. إن العملة هي التطبيق الأول فقط.”
إن جميع الخدمات المقدمة حالياً من خلال الأطراف المركزية، يمكن وعلى الأرجح أن تكون لامركزية بل ويتم توفيرها بتكلفة أقل في المستقبل اعتماداً على تقنية سلسلة الكتل – البلوكتشين. ومن الأمثلة على ذلك: عمليات التداول، الأسهم، السندات والعقود، خدمات كاتب العدل، التأمين، التوفيق بين الجهات، القانون، تسوية النزاعات، الاتصال، التمويل الجماعي، وغير ذلك الكثير.
إن اللامركزية تعني تَوزُّع السلطة، وهذا يقلل من فُرص حدوث كلٍ من الفساد والفشل على نطاق واسع.
هل سيصبح البيتكوين أو غيره من العملات الرقمية المشفرة اللامركزية عملة عالمية سائدة في المستقبل؟ الوقت وحده كفيل للإجابة عن هذا.