تمهيد:

متأكد أن أغلبكم يعرف مشروع Iota أو على الاقل يعرف العملة الخاصة به التي تسمى MIOTA، هذا المشروع من المشاريع السباقة التي تخصصت في مجال أنترنت الأشياء (Internet of things)، هذا النوع من المشاريع يسهل عملية استخدام والاستفادة من التكنولوجيات المحيطة بنا بفضل الذكاء الاصطناعي والانترنت معا.

يختلف مشروع Iota عن عدة مشاريع التي تنشط في مجال انترنت الأشياء كونه عبارة عن بروتوكول أو برنامج(Software) وليس مرفقا بجهاز مثل مشروع Heluim أو Iotex، وبالرغم من ذلك أثبت هذا المشروع الألماني عن قدرات مذهلة للذكاء الاصطناعي سنتطرق إليها في ما بعد.

وبما أن مشروع Iota يجهز لدخول مرحلة جديدة والتوسع أكثر وذلك بتبني العقود الذكية فأصبح لزامًا علينا أن نغطي كل هاته التطورات.

خلفية تاريخية حول مشروع Iota

تعود جذور نشأة مشروع Iota إلى مشروع سمي بالــJINN Project وهذا الأخير ظهر للعلن في سبتمبر سنة 2014 على إحدى المنتديات ذات الصلة بمشروع NXT، وكان هذا المشروع يهدف إلى بناء معالج صغير ليتم استخدامه في الأجهزة التي تستخدم في أغراض انترنت الأشياء، وتم تنظيم بيع أولي لعملة JINN في نفس الشهر ونفس السنة.

وبعد فترة وجيزة تعرض مشروع JINN لمحاسبة قانونية إذ لم يتم تأسيس المشروع وفقا للوائح والقوانين المعمول بها دوليا، فأضطر فريق مشروع JINN إلى تصحيح الخطأ من البداية وذلك بإعلانهم عن التحول إلى علامة واسم جديد يحمل اسم Iota وكان هذا الإعلان في سنة 2015 على مدونة BitcoinTalk الشهيرة، ويومها تم الإعلان عن هدف المشروع وتخصصه وكذلك تقنية الــTangle المنافسة للبلوكشاين.

وتم بعد ذلك تنظيم بيع أولي لعملة MIOTA وبيع 1 مليار من المعروض الأقصى، وتم بيعه على أساس أنه عملة ستستخدم كأداة دفع على شبكة Iota وتم تصفية عملات الــJINN مقابل IOTA للمستخدمين القدماء، وبهذا خطى مشروع Iota أولى خطواته في مجال العملات الرقمية.

وبعد سنة حافلة بالتطوير والعمل المتواصل تم إطلاق الشبكة الرئيسية  لمشروع Iota في جويلية من سنة 2016، وجاء المشروع بواحدة من احدث التقنيات المنافسة للبلوكشاين التقليدية وهي تقنية الــTangle والتي ستكون بمثابة القلب النابض لأنترنت الأشياء.

على مدار السنوات السابقة تطور وتوسع مشروع Iota بشكل كبير وتعدى حتى مجال إختصاصه الذي تم الاعلان عنه أول مرة، وأصبحت تشمل عدة تخصصات أخرى من بينها: مجال الهوية على الانترنت(Iota identity)، تطبيقات المحادثة والتواصل(Iota streams)، بيئة إدارة الموارد (Iota access) ، وحاليا يحضرون لإطلاق العقود الذكية الخاصة بهم التي ستسمح بإنشاء عملات وأصول رقمية على شبكة الــTangle.

تقنية الــTangle

الــTangle هي إختراع جديد يضاف إلى قائمة أنواع تقنيات الليدجر الموزعة(DLT)، ولكنها مصممة خصيصا لتكون بيئة كاملة ومتكاملة لأغراض أنترنت الأشياء(Iot)، أي أن الــTangle يعتبر أكثر تطورًا وأوسع من البلوكشانات التقليدية كبلوكشاين البتكوين والإثريوم…الخ، تم تقديمها من طرف منظمة Iota المسجلة بشكل رسمي وقانوني في دولة ألمانيا.

ومن أهم نقاط قوة تقنية الــTangle أنها قادرة على تسوية وإجراء تحويلات جزئية(Micro transaction) بشكل عادي ومن دون أي رسوم، وهذا ما تعجز البلوكشاين الأخرى على فعله، وذلك لكي  تكون مناسبة لمجال أنترنت الأشياء بشكل ممتاز.

تم إستخدام نظام إثبات العمل (PoW system) المشابه في بلوكشاين البتكوين، للمصادقة على التحويلات في شبكة الــTangle، ولكن نظام إثبات العمل لمشروع Iota يختلف عن بروتوكول إثبات العمل في الكثير من النقاط أهمها كون أن نظام إثبات العمل أسرع وأقل استهلاكا للطاقة، وعلاوة على ذلك لا توجد أي رسوم على الشبكة.

تتميز الــTangle عن غيرها من البلوكشانات التقليدية كونها أكثر آمانا ولامركزية وذلك راجع لمبدأ عملها المتداخل.

مبدأ عمل الــTangle

على شبكة الــTangle لا يوجد معدنين(Miners) أو كتل(Blocks) بل هي عبارة على توزيعة مباشرة وفق رسم لادوري(DAG)، بحيث أن كل تحويل يجب أن يؤكد تحويلين إثنين سابقين تم أجراؤهما قبله، وذلك بإتباع نظام إثبات عمل مطور، وبهذا يساهم كل مستخدم للشبكة في تعزيز آمان الشبكة أكثر فأكثر، ويتم حفظ التحويلات في رسم الــTangle.

أي أن الفكرة الأساسية لتقنية الــTangle تتلخص في النقاط التالية:

  • المستخدمون يقومون بإجراء تحويلات؛
  • لما يقوم المستخدمون بإجراء تحويلات، سيعملون على تأكيد تحويلات سابقة لتحويلاتهم(تحويلين اثنين سابقين مقابل كل تحويل جديد) تعود ملكيتها لمستخدمين آخرين، أي أن المستخدم يؤكد تحويلات مستخدمين آخرين على الشبكة، والآخرون بدورهم يؤكدون تحويلته وتحويلات أخرى.
  • عندما تؤكد التحويلات، يتم إذاعتها على الشبكة ككل، ليتسنى للمستخدمين الغير مؤكدة تحويلاتهم إتخاذ قرار تأكيد تحويلات أخرى مؤكدة مؤخرا.
سيرورة عملية عملية تأكيد التحويلات على شبكة الــTangle

الفرق بين الــTangle والبلوكشانات ذات بروتوكول اثبات العمل(PoW)

في البلوكشانات التقليدية كبلوكشاين البتكوين والإثريوم وما شابههم من البلوكشانات التي تعمل ببروتوكول إثبات العمل(PoW) يتم تأكيد التحويلات عن طريق المعدنين وحدهم، أي أن المعدنين يملكون أجهزة تعدين تستهلك طاقة لتعدين كتل جديدة(Blocks) تتضمن عدد معين من التحويلات وذلك مقابل الحصول على مكافآت عن كل كتلة يتم تعدينها وتأكيد تحويلاتها.

أما في تقنية الــTangle تتم عملية تأكيد التحويلات في ما بين المستخدمين أنفسهم ولا يتدخل فيها طرف آخر، أي أنه لا يوجد كتل ولا معدنين، فكل تحويل جديد يتم إجراؤه يجب أن يؤكد تحويلين تم إجراؤهما قبله، وهكذا، وعليه فالــTangle لا يستهلك طاقة كبيرة مثل البلوكشانات التقليدية وكذلك لا توجد رسوم شبكة، لأنه لا يوجد طرف ثالث تذهب إليه رسوم الشبكة كمكافأة.

الفرق بين الــTangle والبلوكشانات التي تعمل ببروتوكولات أخرى

في البلوكشانات التي تعمل ببروتوكلات أخرى مثل الـPoS والـPoH والــBFT والتي يقتصر التعدين وتأكيد التحويلات فيها على ما يعرف بالعقد(Nodes)، حيث تقوم العقد بتأكيد التحويلات وتعدين الكتل الجديدة مقابل الحصول على مكافآت التي يتم تجميعها من الرسوم التي تدفع كرسوم للشبكة، والعقد في هاته الحالة يتم إختيارهم وفق شروط معينة ويتسمون بالثبات والولاء للشبكة.

أما في الــTangle فكل مستخدم يقوم بإجراء تحويل جديد على الشبكة يصبح يلعب دور العقدة(Node) ليؤكد تحويلات مستخدمين آخرين الذين هم بدورهم يمثلون عقد ساهمت في تأكيد تحويلات مستخدمين آخرين، أي أن الــTangle عبارة عن سلسلة من العقد ولا يتم إختيار العقد وفق شروط معينة ولا يتسمون بالثبات إطلاقا، ففي كل ثانية تظهر عقد جديدة تقوم بدور التأكيد وتستمر نفس العملية مرارًا وتكرارًا.

دور الــCoordinator في الحفاظ على تناسق الــTangle وحمايتها من هجوم الشبكة

لضمان تناسق الــTangle وحمايته من هجوم الشبكة(Attack 51)  عمد فريق مشروع Iota إلى إبتكار المنسق(The Coordinator) بحيث يضمن هذا الأخير نمو الشبكة بشكل سلس وفي نفس الوقت يحميها من هجوم الشبكة، ودوره هو التحقق من أن التحويلات التي يتم إجراؤها سليمة وغير مضرة بالشبكة قبل أن يتركها تمر لعملية التأكيد، أي أنه بمثابة النخاع الشوكي الخاص بالــTangle.

وبما أن المنسق يعمل على إكتشاف الضرر قبل حدوثه فإنه يوفر حماية عالية  الفعالية ضد هجوم الشبكة.

وبالرغم من الدور الفعال للمنسق إلا أن فريق مشروع Iota يعتزم التخلص منه مستقبلا بمجرد تحقيق الشبكة لمستوى معين من التدرج.

دور الــCoordinator في تحقيق الإجماع على شبكة الــTangle

في شبكة الــTangle التحويلات تتم بلا رسوم، إذ لا يوجد معدنين ولا ستايكرز، ونظام الــ PoW المستخدم(المنسق) غرضه ليس الآمان  في حد ذاته وانما الغرض منه هو التخلص من التحويلات الضارة، ولتحقيق الاجماع يجب على العقد أن تؤكد التحويلات ومن ثمة يعبر عنها بــMilestone (مثل الــTx hash في البلوكشانات التقليدية)، والمنسق هو المسؤول عن إنشاء الــMilestones على شبكة الــTangle.

المنسق يقوم بمتابعة تأكيد التحويلات في ما بين المستخدمين وإنشاء الــMilestones

الهجرة من Iota 1.0 إلى Iota 2.0

 يحضر فريق مشروع Iota حاليا للقيام بأكبر تحديث للشبكة منذ نشأتها، وذلك بالهجرة من النسخة الأولى من مشروع Iota والمسمى بــ(Iota coordinator) إلى النسخة الثانية والمسمات بــ(Iota coordecide) ، وهم الآن في مرحلة ما بين النسختين وتسمى بــ(Iota chrysalis) والتي تم المرور إليها في أوت من سنة 2020.

يحمل التحديث المرتقب (Iota Coordecide) في طياته العقود الذكية التي من شأنها أن تساهم في بناء نظام بيئي للــIota ويجعلها قادرة على إستقطاب الاستثمارات وتجسيد الأفكار، أي أن قوة مشروع الــIota ستظهر أخيرا.

ويتم حاليا تجريب(Iota Coordecide) لضمان إنتقال سلس في ما بعد، وكذلك تم تطوير النسخة الثانية من مشروع Iota من دون التضحية بأي مكون من المكونات الأساسية، فقط سيتم التخلص من الــCoordinator.

وتم في أفريل من سنة 2021 اطلاق العقود الذكية في نسختها التجريبية Alpha التي سيمكن بفضلها إنشاء أصول رقمية على شبكة الــTangle التي أثبتت قوتها بين البلوكشانات الأخرى، وبذلك تفتح الأبواب للمطورين لتجسيد أفكارهم كبناء المنصات اللامركزية ومتاجر الــNFTs والألعاب والــDeFi وغيرها من الأفكار، وستكون الألة الإفتراضية (EVM) مبنية بلغةSolidity  وتحاكي الألة الإفتراضية للإثريوم في مبدأ عملها، وآخر تحديث تم إجراؤه على العقود الذكية كان في 1 ديسمبر 2021 وبفضل هذا التحديث أصبحت التوكنات المبنية على شبكة Tangle قابلة للنقل من محفظة إلى أخرى، ويتم حاليا العمل على الإنتقال بها إلى مرحلة Chrysalis.

كذلك يتم حاليا العمل على تطوير جسور لامركزية لربط شبكة الــIota بالشبكات الأخرى مثل شبكة الإثريوم وغيرها، لإستخدامها في ما بعد لأغراض الــDeFi والمنصات اللامركزية، لأن مشروع الإثريوم وسيولته لا يمكن تجاهلها.

وكملخص لهذا الكلام، يمكن القول أن فريق Iota يعتزم الخروج من قوقعة تخصصه في انترنت الأشياء، والتوسع والانفتاح على التخصصات والوظائف الأخرى وبداية مرحلة جديدة ينتظرها كل مؤمن بمشروع Iota.

مستقبل مشروع Iota

بعد كل ما سبق لا يسعنا القول إلا أن سنة 2022 ستكون سنة حافلة بالانجازات والتحديثات لمشروع Iota، خاصة بعد تبني العقود الذكية.

رؤية Iota 2.0 ستنقل مشروع Iota إلى مستوى أخر، إذ ستنفتح على مجالات أخرى وتساعدها على استقطاب الاستثمارات والسيولة وبناء نظام بيئي قادر على منافسة المشاريع الأخرى، وهذا كله سيؤدي إلى تحقيق عملة MIOTA لأسعار جيدة.

فريق Iota يعمل على الانتقال إلى مستوى أخر من مشروعهم ولكن دون التضحية بالركائز الأساسية التي تم طرحها أول مرة، بإستثناء الــCoordinator الذي كان حلا مؤقتا منذ البداية، وهذه نقطة قوة تحسب لمشروع Iota، إذ نجد أن بعض المشاريع تتخلى عن الركائز الاساسية في سبيل التطور أو الانتقال لمستوى أعلى.

كل ما ينشر في موقع كريبتو العرب هو محتوى تعليمي بحت، وليس نصيحة استثمارية، الرجاء القيام ببحثك الخاص.