تمهيد:

تطرقنا في ما سبق إلى موضوع الأزمة الروسية-الاكرانية وحاولنا إعطاء نبذة سريعة على أثر بداية هذه الأزمة على الأسواق العالمية بما فيها سوق الأسهم، الذي يعتبر أكثر الأسواق تضررًا حتى الآن، هذا الأثر الذي من المتوقع أن يستمر ويطول حتى تتراجع الدول التي فرضت العقوبات على روسيا عن قراراتها ولو بشكل جزئي.

روسيا تاسع أكبر بلدان العالم من حيث عدد السكان، والاولى من حيث عدد السكان في أوروبا يتم عزلها بشكل كامل من استخدام أي تكنولوجيا قادمة من الدول الغربية وباقي الدول المصدرة للتكنولوجيا، فمن المؤكد أن حرمان ما يفوق 144 مليون نسمة من استخدام التكنولوجيا سيكون له أثر سلبي جدا على الشركات التكنولوجية، لأن روسيا من أكثر الدول إنفتاحًا على العالم من حيث السياحة والاستهلاك والرياضة والأنشطة الثقافية وكذلك من ناحية التكنولوجيا، فأغلب الشركات التكنولوجيا والغير تكنولوجية لديها مقرات في روسيا، وغلق تلك المقرات بشكل مؤقت كان له أثر واضح ظهر بشكل جلي في سوق الأسهم، إذ حققت عديد الأسهم التكنولوجية على وجه الخصوص تراجعًا كبيرًا في أسعار أسهمها مثل شركة فيسبوك وآمازون ونتفليكس……الخ.

سنركز على سوق الأسهم في هذا التقرير لأن سوق الأسهم هو مرآة عاكسة لأداء الإقتصاديات أو لآداء الشركات العالمية، وعليه فإن أي إنهيار في سعر سهم معين يوجد سبب معين يقف وراءه، مع الأخذ بعين الاعتبار العوامل الأخرى مثل عدم الاستقرار السياسي والكوارث الطبيعية…..الخ، وكذلك سنركز في هذا التقرير على الشركات التكنولوجية القادمة من واد السيليكون-Silicon Vally – ومن الولايات المتحدة فقط على إعتبارها بأنها الشركات الأكثر استخدامًا حول العالم.

العقوبات التكنولوجية المفروضة على روسيا وتداعياتها على الشركات المصدرة لها

  • 1 مارس2022 : قررت شركة Apple إيقاف جميع نقاط البيع المتواجدة على الأراضي الروسية، وكذلك إيقاف كافة الخدمات التي تقدمها هناك، شركة Apple هي أضخم شركة تكنولوجية حول العالم بقيمة سوقية تفوق الــ2 تريليون دولار، بالتأكيد سينتج عن قرارها هذا خسائر فادحة كون الشركة لن تكون قادرة على تحقيق أي ارباح من السوق الروسي لمدة قد تطول، وبالتأكيد سيظهر هذا الأثر بشكل جلي في سوق الأسهم أو في تقارير الأرباح.

وفي نفس اليوم، قرر كل من عمالقة مزودي البطاقات الإلكترونية فيزا وماستركارد(Visa & Mastercard) حظر البنوك الروسية من إستخدام البطاقات على الاراضي الروسية، وليس هذا فقط بل لا يمكن لأي مواطن روسي ان يستخدم بطاقته للدفع حتى ولو كان خارج دولة روسيا، هذا القرار أثره متشعب ومعقد فهو يؤثر على شركتي فيزا وماستركارد من جهة ومن جهة أخرى يؤثر على كافة الشركات التي تعتمد الدفع الإلكتروني، فروسيا من الدول المتطورة من حيث البنى التحتية واستخدام الانترنت في التسوق والدفع وعليه فإن الطوابير التي تشكلت أمام المحلات والأسواق كانت بمثابة الإنذار لكل الشركات الأجنبية التي تمارس نشاطها التجاري في روسيا ومنه ستكون تقارير تلك الشركات تحمل في طياتها خسائر فادحة، فليس من السهل تغطية حصة روسيا من الاستهلاك بالتوسع نحو دول أخرى.

  • 2 مارس 2022: قررت كل من شركتي(Google alphabet)  و(Spotify) تعليق خدماتهم في روسيا، فجوجل التي تمتلك عديد المنتجات التي تستخدم حول العالم التي تشتغل على الحاسوب والهواتف الذكية، بحيث قررت جوجل إيقاف التطبيقات الخاصة بالهاتف النقال وكذلك قررت استخدام بعض المنتجات ضد روسيا، اما سبوتفاي فقررت غلق مقرها في روسيا، وكلا الشركتين ستعانيان من هاته القرارات ولو كانت نسبة الأثر ستكون قليلة مقارنة بالشركات التكنولوجية الأخرى.

وفي نفس اليوم قررت شركة American express حظر البنوك الروسية من استخدام خدمة بطاقات الدفع، الأمر الذي أدى إلى تفاقم الطوابير أمام المحلات والاسواق في روسيا.

  • 4 مارس 2022: مايكروسوفت تقرر تعليق خدماتها في روسيا، فشركة مايكروسوفت المالكة لأكثر أنظمة التشغيل إستخدامًا حول العالم قررت إيقاف بيع منتجاتها الجديدة للروس وتزامن هذا القرار مع إنطلاق التحديثات من نظام ويندوز 10 إلى نظام ويندوز 11 وبهكذا قرار ستحقق مايكروسوفت هي الأخرى خسائر فادحة.
  • 6 مارس 2022: قررت كل من شركة(Tik Tok) و(Netfilx) تعليق خدماتهم في روسيا، فهاتين الشركتين بالذات كانتا من أكبر الشركات الرابحة في آخر ثلاث سنوات، فنتفليكس حققت أرباح جد معتبرة بسبب أزمة كورونا وبقرارها تعليق خدماتها في روسيا من المتوقع أن تحقق تراجعًا كبيرا في الارباح وظهر ذلك بشكل جلي على السهم الخاص بها الذي انخفض بشكل كبير في الايام القليلة الماضية.

أما شركة تيك توك فهي الأخرى ستحقق خسائر كبيرة بإعتبار أن تطبيق تيك توك هو أكثر التطبيقات إستخدامًا حول العالم، وبالتالي فإن منع روسيا من استخدام التيك توك سيكون له أثر كبير على أرباح الشركة، ففي هكذا أنشطة يكون المستخدم هو السلعة وبالتالي فإن عدم تمكن الملايين من المستخدمين الروس من استخدام تطبيق تيك توك سيلحق بالشركة خسائر كبيرة ناتجة عن تراجع عدد المستخدمين.

  • 5 أفريل 2022: قررت شركة  intel توقيف نشاطاتها في روسيا، فشركة أنتل هي عملاق صناعة الرقاقات والمعالجات والعديد من المنتجات الأخرى، أكيد سيؤدي وقف ممارسة النشاط التجاري في روسيا إلى تحقيق خسائر فادحة للشركة.
  • في تواريخ متفرقة: فيسبوك وآمازون تقرران وقف منصاتهم وأنشطتهم في روسيا، وعليه حققت هذه الشركات خسائر كبيرة مؤخرًا ظهرت بشكل جلي في سوق الاسهم، حيث تراجعت كل من اسهم آمازون وفيسبوك بشكل كبير بعد إعلان هذه الشركات لتقرير الارباح للربع الأول من سنة 2022 والتي أظهر تراجعًا كبيرا في الارباح المحققة في هذا الربع الأول، ومادامت الازمة الروسية الاكرانية مستمرة فيتوقع المزيد من التراجع في الارباح.

على العموم ستؤدي الأزمة الروسية-الأكرانية إلى ركود محتمل في سوق الاسهم الخاص بالشركات التكنولوجية السالفة الذكر، تراجع عدد المستخدمين والمستهلكين لا يمكن تعويضه حاليا، كما قد تضطر بعض الشركات إلى تأجيل إطلاق منتجاتها الجديدة إلى وقت لاحق لتفادي الخسائر التي يمكن ان تحقق بسبب عزل روسيا.

مبررات تراجع أسعار أسهم الشركات التكنولوجية

في ما يلي نوجز أهم المبررات التي من شأنها أن تؤدي إلى حدوث تراجع في أسعار الأسهم للشركات المذكورة سالفا:

  • تراجع حصص البيع للمنتجات نتيجة غلق مراكز البيع في روسيا مثل شركة آبل، مايكروسوفت، أنتل….الخ.
  • تراجع حصص التسوق من المواقع العالمية نتيجة لتوقف خدمات الدفع بالبطاقات وكذلك حظر المنصات للمستخدمين الروس مثل شركة آمازون وسبوتفاي…الخ.
  • تراجع عدد المستخدمين لبعض المنتجات أو التطبيقات، فعديد الشركات سحبت منتجاتها من روسيا بشكل مؤقت مثل شركة نتفليكس وAirBnb وغيرهم.
  • تراجع عدد المستخدمين لبعض المنتجات أو التطبيقات، فعديد الشركات مثل مواقع التواصل الإجتماعي وما شابه تربح من المستخدم نفسه كونه هو المستهدف أو السلعة فتربح من معلوماته وهواياته وميولاته وذلك من خلال التسويق لمنتجات شركات أخرى مثل شركة جوجل وفيسبوك وتيك توك وتويتر….الخ.

روسيا تستخدم سلاح الغاز للضغط على الدول الأوروبية

حقق سعر الروبل ارتفاعات قياسية في مقابل العملات الأجنبية كالدولار على وجه الخصوص، وذلك بعد عمد بوتين إلى إجبار الدول الأوروبية التي تستخدم الغاز الروسي إلى دفع المستحقات بعملة الروبل وإلا سيتم ايقاف توريد الغاز إلى كل دولة ترفض هذا القرار، وعليه سارعت عديد الدول الأوروبية إلى فتح حسابات بالعملة الروسية الروبل للشروع في تطبيق القرار الصادر عن بوتين.

وأدى القرار الذي أعلن عنه بوتين إلى تعافي سعر الروبل بشكل سريع وملحوظ، حيث ستكون اغلب الدول الأوروبية مجبرة على استخدامه وإلا ستضطر إلى البحث عن بديل للغاز الروسي الذي يصعب توفيره في الوقت الراهن، فما ترسله روسيا من غاز إلى الدول الأوروبية لا يمكن لأي دولة في العالم ان توفره بنفس الكمية والتكلفة والاستمرارية.

كل ما يرد في كريبتو العرب هو عبارة عن محتوى تعليمي بحت، فالرجاء القيام ببحثك الخاص.